مَقْهى الحَافة-فؤاد اليزيد السني/بروكسيل - بلجيكا
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
شعر

مَقْهى الحَافة

  مَقْهى الحَافة بطنجة    

              -1-

مِن هُنا أَبْحَرَ زَمَنُ الّلا مُنْتَهى،
مٍن هُنا وراحَ عَبْرَ البِحار المُحال.
مِن هُنا أَقْلَعَت سَماءُ خَواطِرِ البال،
بَياضًا تَسامَت حتى عَوَتِ  النّوارس،
وحَلّقَت في العَلْياءِ  دَراويشُ الغِرْبال.

             -2-

مِن هُنا اِبْتَدَأَ المَكان،
تَحْتَ شُرُفاتِ أَغْصانِ اللِّشّين،
جَلَسَت ظِلالُ بَناتِ تِشْرين،
وقَد أَفْرَشَت الحافَةُ عُيونها لِلنّظَر،
وفي قَلْبِها راحَت طَنْجَة أَمْواجًا وخَبَر.

              -3-

مِن هُنا رَفَعَ البَحْرُ قَواعِدَ الرّايَة،
وتَمَوّجَ العِشْقُ قَدرًا وأَلْفَ حِكايَة.
مِن هُنا أَطَلّ على عُيونِ المُسْتَحيل،
فَراغٌ و صَلّتْ النِّهايَة على القَمَر الدَّليل.
مِنْ هُنا شُقَّ البَحْرُ نِصْفَيْنِ وعَبَر الخَليل.
                  
              -4-

مِن حَمَإِ طينَةِ الخَلْقِ و بِدايَة الفِلّين،
وشَهْوَة الحورِِ و طورِ تَواريخَ سِنين،
 رَسَتْ سَفينَة "النّوح" على أَرْضِ الميلاد،
و أَفْرَغَت ما فيها لِرَبّ العِباد.
خَلْقٌ تَفَشّى في أَرْضِ الميعاد.

             -5-

و "لِلْحافَة" في شاشَة الزُّرْقَة شِراع،
و لَها في شَهْوَة النَّفْسِ وفي البِحار،
وفي حَجيجِ زُوار هَذه البَلْدَة العَتيقَة،
أَمَلٌ  فيّ جَوهَرَة فِراسَةِ الحَديقَة،
وعِقْد نورٍ مَسْكوبٍ في دُرُبٍ عَتيقَة.

               -6-

تَحْتَ ظِلالِ الدّالِيَةِ "عُشْبَةُ حُلُمِ" وخَبَر،
وقَد فَرَشَ لَهُ البَحْرُ زُرْقَةً شاعِرِيّة لِلنّظَر،
والأنْثى ما تَزالُ في صُعود إلى صَوْمَعَةِ الآذان،
و عِنْدَ نافورَة الغَريب جَلَس إيقاعُ كَأْسِ الوَطَن،
كِلابٌ تَعْوي وقَوافِلُ بَشَر تُشَيِّعُ فُصولَ الهِجَر.

                -7-

عِنْدَ آفاقِ حِياضِ الحافِة،
والآفاقُ شَريدَةٌ و الله قَريب،
والنّوارٍسُ أَمْواجٌ والبَحْرُ مَرايا نَبيذ.
جَلَسْتُ مُتَأَمِّلا تُغارِمُ روحي نَوايا المَنامَة،
عَلى رِسْلِها مَشَتْ "مَِرْيَمَتي" و آذانُ القِيامَة.

                -8-  

وقَدِمَ رَبُّ الثُّرَيّا والمُسْتَحيل،
لا نِهايَةَ لَهُ الحُزْنُ والأَلَمُ الدّفين،
أَوْراقُ رَبيعٍ على هَوى مَجْدولين،
حَليبٌ على هِلالٍ عَلى فِكْرٍ نَبيل،
عَرْشُ الحُبِّ أمْسى ظِلاّ وجَنا الجَنّتَيْن ميم.

                  -9-

وأنا عالِقٌ بِعُروشِها الحافَة،
تَأَمُّلٌ شاعِرِيّ وبَحْرٌ كشاشَة خُرافَة،
ومَقابر وَثَنِيّةٌ طَيّ الصّخورِ العَتيقَة،
نَسيمُ عُشْبَةٍ وتَقاليدُ شايٍ دَفينَة،
تَخْضَرُّّ النّجومُ وبِقَلبي تُحَلِّقُ السَّكينَة.

                -10-

زُرْقَة سَمائِها "طَنْجَة"  نافِذَةٌ  لِلْمُصَلّين،
حُروفٌ قَمَرِيّة على شِفاه العاشِقين،
"عَدَوِيّة" تَحْتَرف النُّسْكَ ومِسْكَ الغايَة،
وفي قَلبِها الدّفين و في دُرُبِ "السّقّّاية"،
ثَمّة جَوى ونَجْوى وعَذاب وأُلْفَة وحَنين. 



  فؤاد اليزيد السني -03-04-010 – بروكسيل / بلجيكا
  فؤاد اليزيد السني/بروكسيل - بلجيكا (2010-04-14)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

مَقْهى الحَافة-فؤاد اليزيد السني/بروكسيل - بلجيكا

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia